المقداد بن الأسود مقدمة
هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة، من قضاعة، وقيل من
كندة. أبو معبد أو أبو عمرو. نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزهري; لأنه
تبناه في الجاهلية.
ـ قال ابن الكلبي: كان عمرو بن ثعلبة أصاب دما في
قومه، فلحق بحضرموت، فحالف كندة، فكان يقال له:الكندي، وتزوج هناك امرأة
فولدت له المقداد. ـ فلما كبر المقداد وقع بينه وبين أبي شمر بن حجر
الكندي، فضرب رجله بالسيف وهرب إلى مكة، فحالف الأسْود بن عبد يغوث
الزهري، وكتب إلى أبيه، فقدم عليه، فتبنى الأسود المقداد، فصار يقال:
المقداد بن الأسود، وغلبت عليه واشتهر بذلك؛ فلما نزلت: ادْعُوهُمْ
لِآبَائِهِمْ قيل له: المقداد بن عمرو، واشتهرت شهرته بابن الأسود. ـ وكان المقداد يكنى أبا الأسود، وقيل: كنيته أبو
عمر، وقيل: أبو سعيد. وأسلم قديما، وتزوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب
ابنة عم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا
والمشاهد بعدها، وكان فارسا يوم بدر حتى إنه لم يثبت أنه كان فيها على فرس
غيره. ـ وكان فارساً شجاعاً « يقوم مقام ألف رجل » على
حد تعبير عمرو بن العاص وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله (
صلى الله عليه وسلم ) وهو أول فارس في الإسلام وكان من الفضلاء النجباء،
الكبار، الخيار من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم )سريع الإجابة إذا
دعي إلى الجهاد حتى حينما تقدمت به سنه، وكان يقول في ذلك أبت علينا سورة
البحوث انفروا خفافاً وثقالاً.
وكان إلى جانب ذلك رفيع الخلق، عالي الهمة، طويل الأناة، طيب..
قصة إسلامه الذي يظهر من مجمل النصوص أن المقداد كان من
المبادرين الأُول لاعتناق الإسلام، فقد ورد فيه:أنه أسلم قديماً، وذكر ابن
مسعود أن أول من أظهر إسلامه سبعة، وعدّ المقداد واحداً منهم. إلا أنه كان يكتم إسلامه عن سيده الأسود بن عبد
يغوث خوفاً منه على دمه شأنه في ذلك شأن بقية المستضعفين من المسلمين
الذين كانوا تحت قبضة قريش عامة، وحلفائهم وساداتهم خاصة، أمثال عمار
وأبيه وبلالٍ وغيرهم ممن كانوا يتجرعون غصص المحنة ؛ فما الذي يمنع الأسود
بن عبد يغوث من أن يُنزل أشد العقوبة بحليفه إن هو أحس منه أنه قد صبأ إلى
دين محمد؟؟ سيما وأن الأسود هذا كان أحد طواغيت قريش وجباريهم، وأحد
المعاندين لمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمستهزئين به وبما جاء،
إنه ـ ولا شك ـ في هذا الحال لن يكون أقل عنفاً مع حليفه من
مخزوم مع حلفائها. لأجل هذا كان المقداد يتحين الفرص لإنفلاته من ربقة «
الحلف » الذي أصبح فيما بعد ضرباً من العبودية المقيتة، ولوناً من ألوان
التسخير المطلق للمحالف يجرده عن كل قيمة، ويُحرم معه من أبسط الحقوق.